في زمن تتنوّع فيه الدراما العربية بين الأكشن، الإثارة، والغموض، تظل المسلسلات التي تُعالج العلاقات الأسرية وتحاكي الواقع اليومي للناس الأقرب إلى قلوب المشاهدين. ويبرز من بين هذه الأعمال مسلسل أبو العروسة، الذي حاز على متابعة جماهيرية واسعة، وأعاد الاعتبار للدراما الاجتماعية والعائلية التي تُجسّد حياة الطبقة المتوسطة المصرية، وتُناقش التحولات الاجتماعية والعاطفية داخل الأسرة الواحدة.
المسلسل الذي عرض لأول مرة عام 2017، وامتد لعدة مواسم، لم يكتف بسرد قصة أب مصري بسيط يُواجه تحديات الحياة اليومية، بل قدّم نموذجًا صادقًا عن الأبوة، عن العلاقات بين الزوج والزوجة بعد سنوات طويلة من الزواج، عن فجوة الأجيال، وطموحات الشباب، وقلق الأمهات، وفرح البنات بزفافهنّ، وخوف الآباء من الغياب.
إذا كنت من عشاق أبو العروسة، فستجد في هذا التقرير قائمة بأبرز المسلسلات التي تُشبهه في الطرح، في الرسالة، وفي الشعور الذي تتركه في القلب بعد نهاية كل حلقة.
لماذا نجح “أبو العروسة”؟
ربما السرّ في نجاح هذا العمل يكمن في طبيعته “البسيطة”، لكنه ليس ساذجًا، بل عميق في بساطته. تدور القصة حول “عبد الحميد”، الموظف الحكومي المُكافح، وأسرته التي تضم زوجته وأبناءه، ويُسلّط الضوء على لحظة خاصة في حياة العائلة: اقتراب زفاف الابنة الكبرى.
لكن الحدث المركزي يتحوّل إلى مدخل لعرض تفاصيل الحياة اليومية: الضغوط الاقتصادية، تربية الأولاد، العلاقات بين الإخوة، طموحات الشباب، تحديات الزواج، ومشاعر الخوف والحنين التي تراود الآباء والأمهات مع تغيّر الزمن.
الأداء التمثيلي الهادئ، والسيناريو المحبوك، والمشاعر الصادقة، جعلت من المسلسل تجربة إنسانية لا تُنسى.
مسلسلات مشابهة في الطرح والرسالة
1. ليالي الحلمية – الحكاية التي لم تنتهِ
حين نبحث عن دراما مصرية إنسانية تشبه أبو العروسة، لا يمكن تجاهل ليالي الحلمية، المسلسل الأيقوني الذي حمل توقيع أسامة أنور عكاشة، وأخرجته عدسة إسماعيل عبد الحافظ.
هذا العمل الملحمي تناول تحولات المجتمع المصري من عهد الملكية حتى بداية الألفية، من خلال قصص عائلات متعددة، ترتبط وتتفكك، تُحب وتخون، تُنجب وتُربي، وتموت وتحيا من جديد.
كل ما في ليالي الحلمية يُحاكي نبض العائلة، والمجتمع، والشارع. وهو يشبه أبو العروسة من حيث روح الأسرة، تعقيد العلاقات، والحنين الذي يرافق كل مشهد.
نقاط تشابه:
- تعدد الأجيال داخل العمل
- التركيز على الطبقة المتوسطة والعلاقة بالدولة
- حكايات الحب التي تبدأ وتنتهي وسط هموم الحياة
2. عمتي قماشة – دراما خليجية بروح الأسرة
من الخليج العربي، يأتي مسلسل عمتي قماشة كأحد أبرز الأعمال التي سلّطت الضوء على الأسرة وعلاقاتها الداخلية. أُنتج في ثمانينات القرن الماضي، لكنه لا يزال يحتفظ بمكانة خاصة لدى الجمهور العربي.
العمل يروي قصة امرأة مُسنة تعيش مع أولادها وزوجاتهم، وتُحاول السيطرة على حياتهم بطرقها الخاصة، ما يُنتج مواقف طريفة ولكنها مشحونة بالرسائل الاجتماعية العميقة.
يشبه أبو العروسة من حيث الطابع الحميمي للعمل، والاهتمام بتفاصيل الأسرة، وتقديم الشخصيات بروح إنسانية تجعل المشاهد يشعر وكأنه جزء من البيت.
3. جعفر العمدة – الدراما العائلية من زاوية مختلفة
رغم اختلاف نبرة جعفر العمدة عن أبو العروسة، إلا أن القاسم المشترك بينهما هو “الأسرة”.
في جعفر العمدة، نحن أمام أب فقد ابنه، وزوجات يتصارعن على السلطة داخل بيت واحد، وعائلة تُخفي الكثير من الأسرار.
الدراما هنا أكثر حدّة، لكن القضايا متقاربة: غياب الأب، قلق الأم، تضارب الأولويات بين الجيل القديم والجيل الجديد.
إذا كنت تبحث عن دراما عائلية لكن بنكهة أكثر تشويقًا، فـجعفر العمدة قد يكون خيارًا مختلفًا ولكن مرتبطًا في الجوهر.
كيف تجد مسلسلات مثل “أبو العروسة”؟
إذا كنت ترغب في اكتشاف المزيد من الأعمال التي تُركّز على العلاقات العائلية والاجتماعية، فإليك بعض النصائح العملية:
1. منصات البث الإلكترونية
- Netflix: تحتوي على مجموعة من المسلسلات العربية المصنفة تحت فئات مثل “دراما اجتماعية” أو “دراما عائلية”، مثل My Aunt Qumasha أو أعمال من إنتاج مصري وخليجي حديث.
- Shahid وWatch It: تضم مكتبة ضخمة من المسلسلات المصرية القديمة والحديثة، ويمكنك تصفّحها حسب النوع أو تاريخ الإصدار.
- OSN Streaming: تحتوي على أرشيف جيد من الأعمال الخليجية والمصرية الاجتماعية.
2. IMDb
موقع IMDb يُتيح لك استعراض المسلسلات العربية بحسب النوع. ابحث باستخدام كلمات مفتاحية مثل:
“Arabic family drama” أو “social Egyptian series” وستظهر لك نتائج تحتوي على تقييمات، مراجعات، ومقاطع تعريفية.
3. توصيات النقاد والمواقع الثقافية
مواقع مثل Middle East Eye، وAl Jazeera Documentary، وScene Arabia، تُقدّم قوائم دورية لأفضل المسلسلات العربية، وغالبًا ما تشمل مسلسلات عائلية ذات جودة عالية.
لماذا تستمر الدراما العائلية في النجاح؟
ربما لأننا – كعرب – لا زلنا نعيش في مجتمعات يكون للأسرة فيها مركزية واضحة.
نعيش في بيوت مزدحمة بالمشاعر، يجتمع فيها الأب والأم والأبناء والأحفاد، وتتشابك فيها الحكايات. ولهذا، حين تُعرض هذه القصص على الشاشة، نجد أنفسنا فيها.
نحب أبو العروسة لأنه لا يبالغ، لأنه يُشبهنا، ولأنه يُعالج مشكلاتنا اليومية: غلاء المعيشة، قلق المستقبل، الزواج، الطلاق، التربية، الشيخوخة، والخوف على الأبناء.
خاتمة: الدراما التي تشبهنا
في كل بيت عربي، هناك “أبو العروسة” خاص به. أب مكافح، أم حنونة، أبناء يفتّشون عن هويتهم، وبنات يحلمن بيوم الزفاف، وأجيال تختلف في الرأي وتلتقي في المحبة.
هذه المسلسلات لا تُشبه فقط حياتنا، بل تُعيد لنا الأمل أن الحبّ والتفاهم والصبر ما زالت قادرة على إصلاح ما أفسدته الأيام.
ولأن الجمهور العربي لا يزال عطشانًا لدراما تحترمه وتُعبّر عنه، فإن مستقبل الدراما العائلية يبدو واعدًا أكثر من أي وقت مضى.