من حلبة الموسيقى إلى خشبة التمثيل
في السنوات الأخيرة، أصبح التحول من مجال فني إلى آخر، خصوصًا من الغناء إلى التمثيل، أمرًا شائعًا بين الفنانين الشباب، وتبدو تجربة زياد ظاظا إحدى أكثر هذه التحولات لفتًا للنظر. فبعد أن بنى اسمه في مشهد موسيقى الراب، وشارك في أغاني وقصص صوتية تركت أثرها، ها هو يستعد هذه المرة لخوض تحدٍّ مختلف: أن يكون بطلاً لمسلسل شبابي جامعي يُسمى ميدترم. تجربة تحمل في طيّاتها أملًا وإثارة، للكشف عن قدرات فنية أخرى وللحديث باسم جيل كامل.
“ميدترم” — ماذا نعرف حتى الآن؟
مسلسل ميدترم هو عمل درامي شبابي اجتماعي مصري، من إخراج مريم الباجوري وتأليف محمد صادق، ومن إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. (بوابة مصر 2030)
الفكرة الأساسية للمسلسل تدور حول الحياة الجامعية، وتحديات الشباب الجامعي في مصر أو حتى من أنحاء عربية، خاصةً أولئك الذين يوازنون بين الطموحات الشخصية، العلاقات، ضغوط الدراسة والتطلعات الاجتماعية. (FilFan)
من الأسماء المشاركة إلى جانب زياد ظاظا: ياسمين العبد، جلا هشام، يوسف رأفت، دنيا وائل، وضيوف شرف من بينهم هاني عادل وأحمد عزمي. (بوابة مصر 2030)
شخصية “يزن” — صورة تمرد وطموح
في العمل، يجسّد زياد ظاظا شخصية تُدعى يزن، طالب جامعي. الشخصية تحمل مزيجًا من التحدي، التمرد، والطموح — صفات يحسّ بها زياد أنها تعبير مباشر عن جيله. (بوابة اخبار اليوم)
يزن ليس نسخة من زياد نفسه، لكنه قريب منه في بعض الجوانب: الرغبة في التميز، في التعبير، في أن يكون له تأثير صوتي وشخصي — سواء من خلال الموسيقى أو التمثيل. هذه الصيغة تتيح لزياد أن يستخدم خبراته كمغني راب ليدخل التمثيل من منظور مختلف، ليس كمقلّد، بل كمُبتكر. (بوابة اخبار اليوم)
لماذا “ميدترم” خطوة مهمة؟
1. صوت جديد في الدراما
ميدترم يُعد فرصة لدراما تعبر عن هموم الشباب ومشكلاتهم النفسية والاجتماعية ضمن سياق الجامعة، وهي منطقة قد لا تُعطى دومًا الحيز الكافي في الأعمال الدرامية. الشباب الجامعي يعيش بين أسئلة: ما بعد التخرج؟ العلاقات؟ التطلّع؟ الخوف من الفشل؟ الضغوط الأكاديمية؟ كلها مواد خام جيدة لأي دراما تُريد أن تكون معبرة وواقعية. (FilFan)
2. تجربة تمثيلية صعبة ومختلفة
ليست كل التجارب سهلة. الدخول في شخصية مثل “يزن” يعني أن زياد ظاظا بحاجة إلى أن يكون أكثر من مجرد مغني يؤدي دور تمثيلي؛ عليه أن يعيش التجربة، أن يُتقن التعبير العاطفي غير المنغمس بالأغاني، أن يُوقّع التفاعل بينه وبين الجمهور المُشاهد الذي لا يعرفه بالضرورة من موسيقاه فقط. التمثيل الجامعي يتطلّب تحقيق قناعة — من الشخصية، من الموقف، من الحوار — وهذا ما يشكّل تحديًا. (بوابة اخبار اليوم)
3. إثراء المسيرة وتنوع الأدوار
زياد ظاظا يُضيف إلى رصيده الفني بـ ميدترم بعد مشاركته في أعمال سابقة سواء موسيقية أو تمثيلية (مسلسل “برستيج”، فيلم “60 جنيه”، فيلم “عائشة لا تستطيع الطيران”). (بوابة مصر 2030) هذا التنوع قد يُمكّنه من بناء جمهور أوسع وضمان استمرارية فنية لا تقف على نوع واحد من الأداء. كما أنه يُظهر أن الفنان الشاب لا يريد أن يُحبس في صندوق موسيقى الراب فقط، بل يسعى لأن يكون ملمًّا بأكثر من مجال.
التحديات التي قد تواجه “ميدترم”
لا شك أن هناك عقبات، أو نقاط قد تكون صعبة التنفيذ:
- الواقعية في المعالجة: الشباب الجامعي يعيش مواقف حقيقية وصعبة — الضغوط النفسية، الأزمات، الصراعات الشخصية والأسرية — الأمر يتطلب حسًّا دراميًا رفيعًا لكي لا يكون مجرد “برواز” جميل بلا عمق.
- التوازن بين الموسيقى والتمثيل: الجمهور الذي جاء من موسيقى الراب قد يتوقع فيزيائية الأداء، أو نوعاً من الجرأة، وقد يكون أقل تفاعلًا مع مشاهد درامية تقليدية، والعكس صحيح — الجمهور الدرامي قد يكون أقل معرفة بموسيقى الراب. تحقيق التوازن وإرضاء المشترَك سيكون مهمة صعبة.
- المقارنات: دائمًا سيكون هناك مقارنة — مع أعمال مشابهة، مع نجوم الراب الذين تحوّلوا إلى التمثيل، مع الأعمال الجامعية السابقة — وهذه المقارنات قد تكون مُحفّزة لكنها أيضًا ضغط إضافي.
- استمرارية التنفيذ: المسلسل يجب أن يُعرض بشكل متسلسل ومنسق، الإنتاج يكون متقن، الكتابة والحوار والعلاقة بين الشخصيات متماسكة — كل ذلك ضروري حتى لا يضيع “التحدي” في الخروج من موسيقى الراب إلى التمثيل.
السياق الأكبر: تمثيل الأجيال وصوت الشباب
مسلسل مثل ميدترم ليس مجرد عمل فني، بل جزء من حركة أكبر تشهدها الساحة الفنية في مصر والعالم العربي، حيث الشباب يطالب بصوته، يطالب بأن تُسجّل تجاربه على الشاشة، أن تُروى مشكلاته، أن يُعترف بها جديةً.
في السنوات الأخيرة، رأينا كيف أن الموسيقيين الشباب، خصوصًا من راب وموسيقى الشوارع، يستخدمون كلماتهم ومقاطعهم للتعبير عن واقع اجتماعي لا يُعرف عنه الكثير، عن حرمان، عن طموح، عن جنون يومي. عندما يتحوّل هذا الصوت إلى تمثيل، تتحول الرسالة إلى صورة، المشاهد إلى سينما، الحالة إلى تجربة مشركة.
ميدترم قد يكون أيقونة صغيرة لهذا التحول: أن يُعطى الطالب الجامعي المساحة ليكون بطلًا، ليس من خلال الأغاني وحدها، بل من خلال التمثيل، من خلال تشارك الخوف والأمل، من خلال صراع بين ما يريده الشباب وما هو مفروض عليه.
توقعات الجمهور وردود الفعل المحتملة
- الإقبال من جمهور الشباب
من المحتمل أن يكون لدى طلاب الجامعة أو أحد يمرّ بتجربة مماثلة تفاعلاً كبيرًا مع المسلسل، لأنهم يرون أنفسهم فيه. - النقد لما هو عميق
الأعمال التي تتناول القضايا الاجتماعية والنفسية تجذب النقد — إذا كانت الكتابة سطحية، أو الحوار غير مقنع، أو الشخصية تبدو ضعيفة، فالجمهور سيلاحظ ذلك بسرعة. - مساهمة في فتح مجالات جديدة
إذا نجحت التجربة، فقد تفتح أبوابًا أكبر أمام زياد ظاظا وغيره من الفنانين من موسيقى الراب أو غيرها للدخول بجرأة إلى التمثيل، وربما إنتاج أعمال تجمع بين الموسيقى والدراما.
إليك نصًا تخيّليًّا لمقابلة تحليلية مع زياد ظاظا حول تجاربه بين الموسيقى والدراما، مع اقتباسات مستندة إلى ما ورد في المقابلات المتاحة وبعض فرضيات مبنية على شخصيته الفنية — يمكن استخدامه كفيديو مكتوب أو مادة لموقع أو قناة:
مقابلة تحليلية مع زياد ظاظا: بين “ميدترم” وصوت الجيل
المُقابِل (م): زياد، شكرًا على وقتك. أولًا، حدثنا كيف وصلت إلى قرار الانخراط في التمثيل، ومن ثم مواصلة التجربة بمسلسل ميدترم؟
زياد ظاظا (ز): من البداية كنت عندي ميل للتمثيل، مش فقط الغناء. كنت شايف إن الموسيقى هي صوت داخلي، لكن التمثيل يمكن أن يترجمه إلى صورة وأداء ملموس. لما عرضت علي فكرة ميدترم بواسطة مريم الباجوري، كان الطرح جذابًا جدًا، ووجدت أن الشخصية “يزن” قريبة منّي في بعض الجوانب — ليس متماثلة، لكن في الشعور بالتمرد والطموح.
م: في تصريحاتك السابقة قلت إن دور “يزن” ليس نسخة منك، لكن فيه تشابهات. ما هي أبرز التحديات التي واجهتها لتجسيد هذه الشخصية من وجهة نظرك؟
ز: التحدي الأكبر هو أن أجعل الشخصية حقيقية في عيون المشاهدين، لا أن يشعر بأنها “أنا زياد ظاظا ألبس زي طالب جامعي”. أردت أن يكون الوجع موجود، الحلم موجود، الصراع موجود. أيضًا، التكيُّف مع الحوار الدرامي، الإيقاع الزمني للمسلسل، أن تتصرف في لحظة من دون موسيقى، هذا كله كان تحديًا لي كمُغنٍّ في الأصل.
م: هل شعرت بأن الجمهور الموسيقي قد يقف في انتظار “الموسيقي البحت” دون تقبّل التمثيل؟
ز: قد يكون هناك هذا التردد، لكن أنا لا أحب أن أُحتَجز في قالب واحد. الجمهور الحقيقي ربما يُقدّر التجربة الصادقة أكثر من النوع. أنا أعتبر هذا التمثيل امتدادًا لموسيقتي، ليس انفصالًا عنها. وإذا نجحت التجربة، فأعتقد أنها ستكسبني جمهورًا أوسع ومن نوع آخر.
م: شهدنا أنك تقول إن ميدترم تعبّر عن جيلك. ما هي أبرز القضايا التي تأمل أن يُلامسها المسلسل؟
ز: الضغوط النفسية، العلاقات العاطفية، التوازن بين طموحك الأكاديمي وبين رغبتك في أن تكون نفسك، المواجهة مع الفشل والخوف من المستقبل. طالب الجامعة اليوم يعيش في عصر مختلف — الشبكات، الشارع، التوقع، القيود الأسرية — المسلسل لديه الفرصة ليضع هذه القضية كلها في بوتقة درامية.
م: بالنظر إلى بداياتك في الراب، ماذا تقول عن تحولك الفني، وهل التمثيل يمنحك نوعًا من الأمان في تنوّع الأداء؟
ز: التحوّل ليس هروبًا، بل توسّعًا. في الراب، كنت أقول الكثير من المشاعر، الكثير من التعبير. لكن التمثيل يعطيني فرصة أن أُجسّد هذه المشاعر في بشر وشخصيات حياتية. هو توسيع للأفق، ليس تبديل. إذا ربحت هذا الاسم في الراب وأردت أن أُثبت نفسي أيضًا في الدراما، أعتقد أن هذا سيجعلني فنانًا أكثر اكتمالًا.
م: بعض الفنانين الذين دخلوا التمثيل تلقّفهم الجمهور وأحيانًا انهدموا حين فشل العمل. كيف تتعامل مع فكرة الخطر؟
ز: أي تجربة فنية تحمل مخاطرة. لكن لو ما خطرناش، لن نطوّر. أنا مستعد إذا العمل لم ينجح أن أحاول من جديد، أتعلم، أتطور. الأفضل أن تخوض التجربة بشجاعة، بشرط أن تحترم الفن، أن تكون ملتزمًا، أن تكون صادقًا مع نفسك ومع جمهورك.
م: أخيرًا، ما هي رسالتك للشباب الذين يتابعونك: هل عليهم أن ‚يختاروا كل شيء‘ أم ‘يُركّزوا في شيء واحد’؟
ز: أنا أؤمن بأن التركيز مهم، لكن أيضًا أؤمن بأن لا أحد يُحب أن يُحبس في صندوق واحد طيلة حياته. إذا لديك شي يهمك، وشي آخر تحبّه، حاول الجمع بين الاثنين إن استطعت. اجتهد، كن صادقًا، وخذ المخاطر المدروسة. الآن ميدترم مخاطرتي، لكني مؤمن أنه يمكن أن يُحدث فرقًا.
لمحة فنية من مقابلات سابقة
- في مقابلة مع موقع MILLE WORLD، تحدّث زياد عن نشأته في منطقة ريفية في مصر، وكيف أن التحديات التي واجهها في بيئته كانت دافعًا ليبدأ الغناء والراب، مؤكدًا أن الهوية التي خرج منها تشكّل جزءًا كبيرًا من فنه. MILLE WORLD
- تحدث أيضًا في تلك المقابلة أن التمثيل كان دائمًا حلمه، وأن مشاركته في الفيلم القصير مع عمرو سلامة (مقتبس من أغنيته 60 جنيه) هي بمثابة خطوات أولى نحو هذا التحوّل. MILLE WORLD
- في مقابلة صحفية عن 60 جنيه، قال إنه كتب كلمات الأغنية في الميكروباص، وإن الفيلم اقتُرح بناء على الأغنية، مما يعبّر عن مدى تداخل الموسيقى والتمثيل في تفكيره. اليوم السابع
خاتمة: التجربة ليست نهاية، بل بداية
ميدترم ليست مجرد تجربة تمثيلية جديدة لزياد ظاظا، بل فصلًا مهمًّا في قصة فنان شاب يسعى لأن يكون صوت جيله بعدة ألوان. النجاح في هذه الخطوة لا يُقاس بعدد المشاهد فقط، بل بمدى قدرته على إيصال التجربة، على أن يشعر الجمهور بأنه مع يزن، بأن هذا الصوت هو صوته، وأن التمثيل يمكن أن يكون امتدادًا حقيقيًا لموسيقى تحمل هموم الواقع.
إذا نجح، فـ ميدترم قد لا يكون فقط إضاءة جديدة في مشواره، بل قد يكون نقطة انعطاف تُعبّر عن بداية نوع من الدراما الشبابية المصرية — الدراما التي تتجرأ أن تقول، أن تفضح، أن تواجه، وأن تُحب. وإذا أخفق، فلتكن التجربة درسًا يُعلّمه كيف يُصيغ الدور التالي، كيف يختار المشروع الذي يتحدّاه، كيف تُكتب القصة التي تستاهل أن تُروى.